آثار بطلان عقد الشركة وفق نظام المعاملات المدنية

شارك المقال عبر:

آثار بطلان عقد الشركة وفق نظام المعاملات المدنية

أورد نظام المعاملات المدنيّة في المادّة 528 منه حكماً تعلّق بوجوب كتابة عقود الشراكة الواردة في ذلك الباب وإلا كانت باطلة، وأن البطلان يسري فيما بين المتعاقدين أنفسهم ولا يسري بحق الغير.

‏وقد يثور التساؤل بشأن آثار المدّة التي سبقت طلب البطلان بين الشركاء من حيث اقتسام الأرباح والخسائر وتقديم الحصص وغيرها من الحقوق والالتزامات التي ترتّبت عن المدّة السابقة.

ويجاب عن ذلك بأن أثر البطلان المٌشار إليه في المادّة لا يسري تجاه الحقوق والالتزامات التي ترتّبت قبل قيد الدعوى؛ إذ أن هذه الحقوق تكون مكفولة ولها حظ ونصيب من النظر القضائي-لو سلمنا بثبوت الشراكة بين الطرفين ابتداءً- فيكون لأحد الشركاء المطالبة بنصيبه من الأرباح للسنوات الماضية عن قيد دعوى البطلان وغيرها من الدعاوى المتعلقة بالحقوق التي تنشأ من الشراكة ولو كان عقد الشراكة الماثل غير مكتوب، أمّا عن أثر البطلان لعدم الكتابة فلا يسري بين الشركاء-وفق نص ومدلول المادة- إلا إذا طلب أحدهم الحكم به فيسري ذلك من تاريخ قيد الدعوى؛ ومن ثمّ فيقتضي الحال عدم جواز المُطالبة بالالتزامات أو الحقوق المُترتّبة عن عقد الشراكة غير المكتوب من بعد تاريخ قيد الدعوى في النظام ولا يسري ذلك قبلها.

 

أورد السنهوري في الوسيط تعليقاً على آثار البطلان الواردة في المادّة 507 من القانون المدني المصري والمماثلة حيث الحكم لنصّ المادّة المُشار إليها في نظام المعاملات، وذكر ما نصّه ( فإن المنظم أورد تفصيلات هامة فيمن يجوز له التمسك ببطلان الشركة لعدم استيفائها الشكل المطلوب، ففيما بين الشركاء يبقى عقد الشركة غير المكتوب قائماً منتجاً لجميع آثاره، ومنها إلزام الشركاء بتقديم حصصهم في الشركة واقتسام الربح والخسارة على الوجه المبين في العقد غير المكتوب، وذلك إلى الوقت الذي يرفع فيه أحد الشركاء الدعوى ببطلان الشركة، فمن وقت المطالبة القضائية بالبطلان يصبح عقد الشركة باطلاً والحكم بالبطلان يستند إلى وقت رفع الدعوى؛ فيمر عقد الشركة غير المكتوب إذن على مرحلتين يفصل بينهما رفع دعوى البطلان، مرحلة الصحة قبل رفع الدعوى، ومرحلة البطلان بعد رفعها، على أنه في المرحلة الأولى إذا اقتضى الأمر أن يثبت أحد الشركاء عقد الشركة في مواجهة شركائه وجب اتباع القواعد المدنية في الإثبات، فإذا زاد رأس مال الشركة على النصاب المُحدّد وجب الإثبات بالكتابة، أو بما يقوم مقامها أو بالإقرار أو باليمين، وإذا لم يزد رأس مال الشركة على النصاب جاز الإثبات بجميع الطرق وتدخل في ذلك البيّنة والقرائن، أما في حق الغير فللغير أن يحتج على الشركاء ببطلان الشركة لعدم استيفائها الشكل المطلوب، فإذا طالبت الشركة أحد من تعامل معها جاز لهذا الغير أن يدفع المطالبة بأن الشركة باطلة وأن التعاقد معها باطل، ولا يرجع الشركاء على الغير في هذه الحالة إلا بما تقضي به القواعد العامة في العقد الباطل، ولكن يجوز للغير أن يغفل بطلان الشركة وأن يتمسك بوجودها وفي هذه الحالة تعتبر الشركة صحيحة قائمة منتجة لآثارها، فإذا كان الغير قد تعاقد مع الشركة وأراد أن يطالبها بالتزاماتها فلا يجوز للشركة ان تحتج عليه ببطلانها لعدم استيفائها الشكل المطلوب، وبأن التعاقد معه كان باطلاً لهذا السبب، بل تلزم الشركة بالوفاء بالتزاماتها نحو الغير على اعتبار أنها شركة صحيحة وقائمة، وللغير أن يثبت وجود الشركة بجميع طرق الإثبات وفيها البينة والقرائن حتى لو زادت قيمة المُطالبة عن النصاب المُقرّر للإثبات بالشهادة لإنه من الغير، ويتبين من ذلك أن بطلان الشركة لعدم استيفائها الشكل المطلوب يجوز أن يحتج به الغير قبل الشركة، ولكن لا يجوز للشركة أن تحتج به قبل الغير)

والله أعلم وأحكم