من المُقرّر أنّ تصرّفات الشخص الاعتباري المُتمثّلة بالشركات التجاريّة عائدة لمديرها الذي له كافّة الصلاحيّات الممنوحة له من قبل الشركاء، إلّا أن الصلاحيّة المُقرّرة للمدير لا تحول دون إعمال حقّ الرقابة للشركاء على ما يصدر منه، سواءً كان شريكاً في الشركة أم لا، وسواءً كان مُعيّناً في عقد تأسيسها أم بموجب عقد مُستقلّ، فحقّ الشركاء ثابت في طلب عزل المدير وطلب إبعاده عن إدارة الشركة حال ظهر موجب ذلك، والطريق المُتّبع للشركاء يختلف بحسب الحال؛ فالإجراءات اللازمة على الشركاء للجوء إلى هذا الحقّ تعتمد على مُستند تعيين المدير وطبيعة اتّفاق الشركاء على عزله، فقد يكون العزل بطريق الاتّفاق أو بطريق اللجوء إلى القضاء لطلب العزل، وتفصيل ما تقدّم وفق التالي:
أولاً: الطريق الاتّفاقي:
من المُقرّر أن صلاحيّة تعيين مدير الشركة يعود إلى الشركاء وفق ما نصّت عليه المادّة 160 من نظام الشركات ونصّها (يدير الشركة مدير أو أكثر من الشركاء أو من غيرهم، ويعين الشركاء المدير أو المديرين في عقد تأسيس الشركة أو في عقد مستقل، لمدة محددة أو غير محددة. ويجوز بقرار من الشركاء تكوين مجلس مديرين إذا تعددوا) ولما أنّ النظام أتاح للشركاء إصدار القرارات المُتعلّقة بمصلحة الشركة عبر بوابّة قرارات الشركاء التي تصدر عبر الجمعيّة العامّة للشركة، حيث نصّت المادّة 166 من نظام الشركات على (تصدر قرارات الشركاء في الجمعية العامة) والثابت أنّ قرار عزل المدير داخل ضمن طبيعة قرارات الشركاء؛ ومن ثمّ فحقّ عزل المدير لا يفتقر الحصول عليه والتمكّن منه الحصول على حكم قضائي؛ وذلك لتحقّق التمكين للشركاء بقوّة النظام.
إلا أنّ نصاب صحّة قرار العزل تختلف بحسب الأصل على مُستند تعيين المدير وفق ما نصّت عليه المادّة 63 من اللائحة التنفيذيّة لنظام الشركات والتي تنصّ على (يكون قرار عزل مدير الشركة ذات المسئوليّة المحدودة وإن كان شريكاً فيها معيّناً في عقد تأسيسها أو في عقد مُستقلّ وفقاً للنصاب المُقرّر لصحّة صدور قرارات الشركاء المنصوص عليها في النظام) وتفصيل ذلك وفق التالي:
1 -في حال كان المدير مُعيّناً في عقد التأسيس فالنصاب اللازم لصحّة صدور قرار العزل يجب أنّ يكون النصاب المُقرّر لتعديل عقد التأسيس، وذلك عن طريق موافقة شريك أو أكثر يمثّلون نسبة 75% من رأس المال على الأقل وفق ما نصّت عليه المادّة 172/1 من نظام الشركات.
2 -في حال كان المُدير معيّناً بعقد مُستقلّ، فصحّة قرار الشركاء بالعزل تستند إلى صحّة القرارات التي تصدر من الشركاء والتي تتمثّل بموافقة شريك أو أكثر يمثّلون أكثر من (نصف رأس المال) على الأقل وفق ما نصّت عليه المادّة 166/3 من نظام الشركات.
ثانياً: الطريق القضائي:
أمّا إذا لم يكن هناك اتّفاق من الشركاء في الجمعيّة العامّة يحقّق النسبة الأدنى لصحّة قرار العزل الصادر اتّفاقاً، فالنظام قد أتاح للشريك الذي يملك نسبة قدرها 25% أن يتقدّم للجهة القضائيّة المُختصّة لطلب عزل المدير وفق ما نصّت عليه المادّة 164/2 من نظام الشركات ونصّها (يجوز لشريك أو أكثر يمثلون (ربع) رأس مال الشركة على الأقل التقدم إلى الجهة القضائية المختصة بطلب عزل المدير أو المديرين)
عدا أنّ دعوى العزل يجب أنّ تتجرّد من الأسباب الشخصيّة للشريك تجاه مدير الشركة؛ ويجب أنّ ترتكن لأسباب موضوعيّة توضّح إضرار المدير بمصالح الشركة ومُخالفته لما ورد في أحكام النظام أو عقد التأسيس.
ومن صور المُخالفات الدارجة وفق الواقع العملي والتي قد تُعدّ سبباً صحيحاً لطلب العزل، وذلك على سبيل المثال لا الحصر، المُمارسات التالية:
1 – امتناع المدير تسليم القوائم الماليّة للشركاء خلال السنة الماليّة.
2 -منافسته للشركة بأن يشارك أو يعمل في أي شركة أخرى تمارس ذات النشاط للشركة التي يديرها دون موافقة الشركاء.
3 -عدم تجنب حالات تعارض المصالح أو الإفصاح عنها.
4 -استغلال منصبه والمهمات والصلاحيات التي لديه بصفته مدير الشركة أو عضو مجلس إدارتها بأي حال من الأحوال، للحصول على منافع من الغير.
5 – استغلال الفرص الاستثمارية المعروضة عليه بصفته مديراً أو عضواً في مجلس إدارتها أو المعروضة على الشركة لمصلحته الشخصية.